.
من كتاب "بيننا: كيف تخلق الثقافات العواطف" لباتجا ميسكيتا
غالبًا ما نعتقد أن المشاعر مثل السعادة، الحزن، أو الغضب هي نفسها في كل مكان وزمان. لكن الباحثة باتجا ميسكيتا توضح في كتابها "بيننا: كيف تخلق الثقافات العواطف" أن المشاعر ليست موحّدة عالميًا، بل تتأثر بالثقافة والبيئة التي نعيش فيها. فالمشاعر، بحسبها، ليست مجرد أحاسيس داخلية، بل أدوات اجتماعية تنشأ من التفاعل بين الأفراد ومحيطهم.
المشاعر: أكثر من أحاسيس داخلية
المشاعر ليست مجرد ردود فعل غريزية، بل هي وسيلة للتواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، شعور الفخر قد يظُهر في ثقافة ما تحقيق الذات، بينما في ثقافة أخرى قد يعبر عن تعزيز الروابط الاجتماعية.
حتى المشاعر السلبية، مثل الغضب، تلعب دورًا تنظيميًا. فغضب الأم من تصرف طفلها لا يهدف إلى إيذائه، بل إلى تصحيح سلوكه وتعليمه القيم.
كيف تشّكّل الثقافة مشاعرنا؟
المشاعر تتأثر بعدة عوامل:
1. العوامل النفسية:
المشاعر تبدأ من إدراكنا للأحداث. هذا الإدراك يعتمد على ما تعلمناه من عاداتنا ومعتقداتنا. فمثلاً، موقف قد يثير الخوف لدى شخص في ثقافة معينة، قد يولّد شعورًا بالاعتزاز في ثقافة أخرى.
2. العوامل الاجتماعية:
المجتمعات تعلمنا كيفية التعبير عن مشاعرنا. فعلى سبيل المثال، قد تكون تعبيرات الفرح أو الحزن في بعض الثقافات صاخبة ومباشرة، بينما في ثقافات أخرى تكون هادئة وخفية.
دور الدماغ في المشاعر
الدراسات الحديثة تظهر أن الدماغ يتكيف مع البيئة المحيطة. مناطق مثل اللوزة الدماغية والقشرة الجبهية، المسؤولة عن تنظيم المشاعر، تتفاعل مع ما نتعلمه من بيئتنا. هذا يعني أن المشاعر ليست ثابتة، بل يمكن تعديلها وتكييفها مع مرور الوقت.
لماذا هذا الفهم مهم؟
1. التكيف مع المجتمع:
فهم تأثير الثقافة على المشاعر يساعدنا على التفاعل بشكل أفضل مع الآخرين في مجتمعاتنا.
2. التواصل بين الثقافات:
عندما ندرك أن التعبير عن المشاعر يختلف من ثقافة لأخرى، يمكننا تعزيز التعاطف وتجنب سوء الفهم في العلاقات بين الشعوب المختلفة.
الخلاصة
المشاعر ليست مجرد أحاسيس داخلية، بل هي نتيجة للتفاعل بين العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية.
إدراك هذا الأمر يساعدنا على فهم أنفسنا والآخرين بشكل أفضل، مما يعزز التواصل والتفاهم ويقوي العلاقات الإنسانية.