المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية National Center For Mental Health Promotion حيـــاة أفضــل
القائمة الرئيسية

المشي: وسيلة فعّالة لتعزيز التفكير وتحسين الصحة النفسية

المشي: وسيلة فعّالة لتعزيز التفكير وتحسين الصحة النفسية

 


تشير الأبحاث العلمية إلى أن المشي المنتظم ليس مجرد نشاط بدني يُحسّن الصحة الجسدية، بل هو أداة فعّالة لتحفيز القدرات العقلية وتعزيز الصحة النفسية. وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة The Lancet Psychiatry، فإن ممارسة الأنشطة البدنية المعتدلة، مثل المشي، تُقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب وتُحسّن الحالة المزاجية للفرد بشكل ملحوظ. علاوة على ذلك، فإن المشي يُحفز الدماغ على إفراز هرمونات تُعزز الشعور بالسعادة وتُخفّف من التوتر والقلق.

كيف يؤثر المشي على الدماغ؟
يؤدي المشي المنتظم إلى تحفيز إفراز هرمونات مهمة تُساهم في تحسين الحالة النفسية والعقلية، ومن أبرزها:
            •           الإندورفين: يعمل كمسكّن طبيعي للألم ويُساعد في تحسين المزاج وتعزيز الشعور بالراحة.
            •           السيروتونين: يُعزز الإحساس بالسعادة ويُقلل من مشاعر القلق والاكتئاب.
            •           الدوبامين: يُحسّن الشعور بالمكافأة والتحفيز، مما يُعزز الطاقة النفسية والإيجابية.
إلى جانب ذلك، يُعزز المشي تدفق الأكسجين إلى الدماغ، ما يُحسّن الأداء العقلي ويُساهم في تقوية المرونة الذهنية والقدرة على مواجهة الضغوط اليومية.


تأثير المشي على اضطرابات المزاج
أثبتت الدراسات أن ممارسة المشي لمدة 30 دقيقة يوميًا تُخفّض بشكل ملحوظ مستويات القلق والاكتئاب. يُعتبر المشي في بيئات طبيعية، مثل الحدائق والمساحات الخضراء، أكثر فاعلية في تحسين الحالة النفسية مقارنةً بالمشي في الأماكن المغلقة، حيث يُقلل من مستوى هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر، ويُعزز الإحساس بالهدوء والراحة النفسية.

كما أشارت دراسة أجراها Bratman et al. (2015) إلى أن المشي في الطبيعة يُقلل من نشاط القشرة الجبهية الفرعية (subgenual prefrontal cortex)، وهي المنطقة المرتبطة بالاجترار الفكري، ما يُساهم في تقليل التفكير السلبي المفرط الذي يُعد سببًا رئيسيًا للقلق والاكتئاب.

فوائد المشي على القدرات المعرفية والتفكير
المشي ليس مجرد نشاط لتحسين اللياقة البدنية، بل يُعتبر وسيلة فعّالة لتعزيز التفكير والإبداع. يُطلق على المشي أحيانًا اسم "رياضة الفلاسفة" نظرًا لتأثيره الواضح على تحفيز التفكير الإبداعي وتحسين القدرات العقلية. من أبرز الفوائد:

1. تحفيز الإبداع العقلي
أظهرت دراسة من جامعة ستانفورد أن المشي يُعزز من تنوع أساليب التفكير المختلفة بنسبة 60% مقارنةً بالجلوس دون حركة، مما يُحسّن القدرة على ابتكار أفكار جديدة وحلول فعّالة للمشكلات. يُعزى هذا التحفيز إلى زيادة تدفق الأكسجين إلى الدماغ أثناء المشي، مما يُنشّط مراكز التفكير والإبداع.

2. تعزيز الذاكرة وتحسين التعلم
المشي يُحسّن تدفق الدم إلى الدماغ، مما يُساهم في تقوية الذاكرة وتعزيز قدرات التعلم. كما أن المشي المنتظم يُعزز نمو خلايا عصبية جديدة في منطقة الحُصين (hippocampus)، المسؤولة عن الذاكرة والتعلم.


3. تقليل الإجهاد النفسي وتعزيز الصفاء الذهني
يُعد المشي، لا سيما في المساحات الطبيعية، وسيلة فعّالة لتقليل التوتر وخفض مستويات هرمون الكورتيزول. كما يُقلّل من الاجترار الفكري السلبي، ما يُحسن الصفاء الذهني ويُساعد في اتخاذ قرارات أكثر هدوءًا وتوازنًا.

ما هي مدة المشي المثالية لتحقيق هذه الفوائد؟
وفقًا للأبحاث، يُمكن تحقيق فوائد ملحوظة للمشي من خلال الالتزام بالممارسات التالية:
            •           10 دقائق فقط: تُعزز التركيز وتحسن المرونة الذهنية بشكل واضح.
            •           20-30 دقيقة يوميًا، 3-5 مرات أسبوعيًا: تُخفّض مستويات القلق والاكتئاب بشكل ملحوظ، خاصةً عند المشي في بيئات طبيعية.
            •           45-60 دقيقة في الطبيعة: تُحسن الإبداع، تُقلّل من الاجترار، وتُعزز الشعور بالراحة النفسية.
 
نصائح لتعزيز تجربة المشي
لتحقيق أقصى فائدة من المشي، يُمكنك اتباع النصائح التالية:
            •           اختر مسارات طبيعية: المشي في الحدائق أو الممرات المظللة بالأشجار يُحفّز الشعور بالهدوء ويُقلّل من التوتر.
            •           جرّب المشي في أوقات مختلفة: لاستكشاف تأثيره على مزاجك في الصباح، بعد الظهر، أو في المساء.
            •           استخدم المشي كفرصة للتأمل: استغل وقت المشي للتركيز على أنفاسك أو الاستمتاع بجمال الطبيعة، مما يُعزز الشعور بالاسترخاء والصفاء الذهني.

المشي وتحسين جودة النوم
أظهرت الأبحاث أن المشي المنتظم يُساعد في تحسين جودة النوم، مما يُؤثر إيجابيًا على الصحة النفسية. يُقلّل المشي من مستويات التوتر ويُحسّن تنظيم إيقاع النوم، ما يُسهم في تعزيز الشعور بالراحة والاسترخاء خلال الليل.


الخلاصة:
المشي ليس مجرد نشاط جسدي؛ بل هو تجربة متكاملة تُحفّز التفكير، تُحسّن المزاج، وتُعزز الصحة النفسية. سواء كان المشي لمدة قصيرة أو لفترات أطول، فإن كل خطوة تخطوها تُساهم في تحسين صحتك النفسية والذهنية بشكل لا يُستهان به. استمتع بتجربة المشي في الهواء الطلق، ودع عقلك وجسدك يحصُلان على الفوائد العظيمة التي يُقدمها هذا النشاط البسيط.

المصدر1 المصدر2 المصدر3 المصدر4 المصدر5