المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية National Center For Mental Health Promotion حيـــاة أفضــل
القائمة الرئيسية

فوائد النشاط البدني في تقليل أعراض الاكتئاب والقلق

فوائد النشاط البدني في تقليل أعراض الاكتئاب والقلق 

عندما يمر الشخص بحالة من الاكتئاب أو القلق يتم طرح عدة خيارات علاجية منها جلسات العلاج النفسي، أو وصفة أدوية نفسية، أو اقتراح تغييرات في نمط الحياة تساعد على تحسين مزاجه وأدائه اليومي في الحياة.

وهنالك منحى آخر قد يسلكه بعض المختصين كخيار مناسب، حيث يتم تشجيع مرضى الاكتئاب على الانخراط بأنشطة رياضية وفنية أو أي نوع آخر من النشاطات المفيدة، وهي عملية يطلق عليها مسمى الوصفة الاجتماعية "Social prescribing" والرياضة بشكل خاص يتم الإشارة إليها، كطريقة فعالة لتحسين الصحة النفسية.

ما هو مدى فعالية الرياضة في تحسين الصحة النفسية؟

نشرت المجلة البريطانية British Journal of Sports Medicine"" مراجعة تحليلية شملت أكثر من 100 دراسة حول تأثير النشاط الرياضي في علاج أعراض الاكتئاب والقلق، والتي اعتبرت الرياضة مفيدة بعض في الحالات لأعراض الاكتئاب والقلق إلى حد قد يتشابه في تأثيرها مع العلاج الدوائي والعلاج النفسي، حتى إن الباحثين اقترحوا أن يكون النشاط الرياضي أحد الوسائل المعتمدة في علاج حالات الاكتئاب والقلق.

النشاط الرياضي كان ذو فعالية عالية في تقليل أعراض الاكتئاب وقوة داعمة للصحة النفسية عند الأشخاص الأصحاء، ولوحظ أن المنفعة الأكبر كانت من نصيب فئات معينة مثل الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب والنساء الحوامل واكتئاب ما بعد الولادة وأمراض الكلى ونقص المناعة.

وعندما نتطرق لأنواع النشاطات الرياضية، تشير الدراسة إلى أن جميع أساليب النشاط الرياضي كانت مفيدة مع اختلاف بسيط لبعض الأنواع، على سبيل المثال، تمارين المقاومة كان لها تأثير أوسع على أعراض الاكتئاب، بينما ممارسة اليوغا والنشاطات التي تربط بين العقل والجسد كان لها تأثير واضح في القلق.

ومن جانب شدة الرياضة ومدتها، إنَّ الرياضة عالية الشدة ترتبط بتحسن ملحوظ وعظيم لدى مصابي الاكتئاب والقلق، بينما الرياضة التي تستغرق مدة زمنية طويلة كانت أقل فعالية في هذه الحالات، وعمومًا إنَّ النشاط البدني الأسبوعي ولو كان على فترات قصيرة غير متكررة، كان تأثيره أفضل في الحالة النفسية من التمارين المتكررة مرات عديده، لذلك يقترح فريق الخبراء أن السبب في فعالية هذا النوع من النشاط البدني يعود لسهولة التزام الناس بنشاطات بدنية قصيرة وأقل تكرارًا، وهذه تعتبر نتيجة مُشجعة للعديد فهي تعني أنك حتى لو كنت تعاني من صعوبة الالتزام بالتمارين يمكنك أن تحصل على فوائد من كمية بسيطة من النشاط لكل الأسبوع.

قد يتساءل البعض بعد الاطلاع عن الفوائد الجمة للنشاط البدني عن أنواع الرياضة الموصي بها ومدتها، وهناك العديد من الإرشادات المتخصصة في بعض الدول لأنواع ودرجة شدة النشاط البدني المطلوب للحصول على فوائد صحية وجسدية، ولكن مثل هذه الإرشادات الرياضية الموجهة للصحة النفسية وتحسين المزاج نادرة لقلة الدراسات المعتمدة، ولكن في مراجعة تحليلية نُشرت في سنة 2018 جمعت ما يقارب 38 دراسة حول شدة ومدة ونوع النشاط البدني وتأثيراته في المزاج هنالك مفارقة مهمة علينا توضيحها ذُكرت في المراجعة التحليلية.

المفارقة حول الرياضة الهوائية واللاهوائية، النوع الأول يتضمن أي نشاط بدني معتدل الكثافة مثل المشي، القفز، أو قيادة الدراجة، ومن خلاله يبذل الجسم طاقة ويرتفع معدل التنفس وتتزايد نبضات القلب فيتم حرق الدهون باستخدام الهواء لتزويد الجسم بالطاقة، أما النوع الآخر فهي التمارين اللاهوائية التي تعتبر تمارين عالية الشدة، وتحفز عملية الأيض واللاهوائي (أي في غياب الأكسجين) تكون عادة عند بدء الحركة من بعد السكون، ويمارسها الرياضيون لفترات قصيرة.

عند مقارنة أنواع الرياضة وتأثيرها في المزاج في دراسة تابعة لجامعة Shenzhen" " بقيادة الباحث  "John Chan" وجد الفريق البحثي أن البعض فضّل النشاط البدني عالي الشدة، ونتائج أخرى ترجح كفة الأقل شدة، وكان ملخص الدراسة أن الحل المثالي لتحسين المزاج هو تمارين رياضية متوسطة الشدة، و10 دقائق من التمارين كانت كافية لتحسن المزاج والحصول على مكاسب نفسية مُرضية، وبشكل عام لم يتم إيجاد فوائد إضافية للتمارين التي تتعدى فوق 30 دقيقة، مما يشجع أي شخص على التمارين، وبالأخص أولئك الذين يعانون من صعوبة إيجاد وقت للنشاط البدني في جداولهم اليومية.

وأخيرًا تمعن الباحثون في الدراسات التي قارنت بين تحسن المزاج لمن يمارس التمارين الهوائية والذين يمارسون اللاهوائية، وأشاروا إلى عدة نتائج:

تأثير التمارين الهوائية أقل ثباتًا في المزاج، بينما اللاهوائية أظهرت فوائد أكثر في التخلص من الإجهاد النفسي والقلق، ويعزو الباحثون ذلك إلى سهولة ملاحظة التحسن البدني واللياقة من التمارين اللاهوائية، كحمل الأثقال مما يؤدي إلى الشعور مباشرة بالتحفيز والرضا والإنجاز، كما ترتبط التمارين اللاهوائية بارتفاع عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ "BDNF-Brain Derived Neurotrophic factor" والذي بدوره يحفز التغييرات البنائية والوظيفية داخل الدماغ.

الفائدة المرجوة من المقال أن استمرارية وجود أي نوع من النشاط البدني ولو كان ضئيلًا مثل 10-30 دقائق من الجري أو المشي هو بحد ذاته عامل محفز للصحة النفسية ومقاوم لتدني المزاج، وهذا يشجع الكثير منا وبالأخص المختصين في محاولة إيجاد بدائل علاجية متوفرة للعديد من الناس.

 

مع تحيات المركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية

 

المصدر  

 

 

·      Singh B, Olds T, Curtis R, et al Effectiveness of physical activity interventions for improving depression, anxiety and distress: an overview of systematic reviews

·      British Journal of Sports Medicine Published Online First: 16 February 2023. doi: 10.1136/bjsports-2022-106195

·      Exercise can reduce symptoms of depression and anxiety, confirms review of reviews | BPS

·      A new review looks into the optimum exercise intensity, type and duration for boosting mood | BPS