لا شك أن تخفيف التوتر النفسي وتعزيز مشاعر الاسترخاء يُعدان من العوامل الأساسية لتحقيق التوازن النفسي ودعم المناعة الجسدية. وقد كشفت الأبحاث الحديثة عن عدد من الأساليب الفعّالة التي تساعد في تقليل مستويات التوتر والإجهاد، وتُسهم في الوصول إلى حالة من الراحة النفسية، وهو ما يتناوله هذا المقال.
1. تمارين التنفس
أظهرت الدراسات العلمية الحديثة فعالية تمارين التنفس في خفض التوتر وتحسين المزاج. ففي دراسة عشوائية محكمة نُشرت في مجلة (Call Reports Medicine 2023)، تبين أن تمارين التنفس تُبطئ من معدل التنفس وتحسن من الحالة المزاجية، مما جعلها تُصنف كأداة فعّالة لإدارة الضغوط النفسية. كما خلصت الدراسة إلى أن تمارين التنفس العميق التي تركز على الزفير الطويل تُعد من أكثر التمارين فعالية لتحقيق هذه الفوائد.
2. الاسترخاء والتأمل
أشارت دراسة نُشرت عام 2024 في مجلة علم النفس العصبي إلى تأثير التأمل والحضور الذهني على الروابط العصبية في الدماغ. وباستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، لاحظ الباحثون تحسنًا في المناطق المسؤولة عن التحكم الوظيفي في الدماغ، وقد ارتبط هذا التحسن بانخفاض مستويات التوتر وزيادة القدرة على إدارة الضغوط النفسية بفعالية.
3. الرياضة والمجهود البدني
لا يمكن حصر فوائد النشاط البدني على الصحة النفسية، لكن الأبحاث أكدت دوره في تقليل التوتر وتحسين المزاج.
• فقد أظهرت دراسة نُشرت في المجلة الأمريكية لأمراض القلب عام 2024 أن ممارسة النشاط البدني المنتظم يخفض من نشاط مناطق الدماغ المرتبطة بالقلق، ويحسن من التحكم الانفعالي، كما ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 23% خلال 10 سنوات.
• كما أن التمارين الخفيفة مثل المشي، السباحة، واستخدام الدراجة الثابتة، تسهم في تقليل توتر العمل والحد من الاحتراق الوظيفي. وتشير دراسات إلى أن التمارين في الأماكن الطبيعية – المعروفة بـ”التمارين الخضراء” – تحسن المزاج وتخفف القلق وتعزز تقدير الذات.
4. الدعم الاجتماعي
يُعد الدعم الاجتماعي من العائلة والأصدقاء ركيزة مهمة في التكيف مع الضغوط، إذ يعزز الشعور بالأمان والانتماء. ووفق دراسة نُشرت عام 2025 في مجلة العلوم النفسية، فإن الأشخاص الذين يحظون بدعم اجتماعي خلال الفترات الصعبة، تنخفض لديهم مستويات هرمون الكورتيزول، ويظهرون قدرة أفضل على تنظيم انفعالاتهم ومواجهة التوتر.
5. النوم الجيد
قلة النوم أو تدني جودته تؤدي إلى زيادة التوتر، بينما يساهم النوم الجيد في تعزيز استشفاء الجسم ومقاومته للضغوط. دراسة نُشرت في مجلة صحة النوم عام 2019 وجدت أن الأشخاص الذين يحصلون على نوم كافٍ وعميق كانوا أقل عرضة للقلق والتوتر الشديد.
6. التغذية الداعمة للصحة النفسية
تلعب التغذية دورًا جوهريًا في مقاومة التوتر، فالأطعمة الغنية بمضادات الالتهاب، والأحماض الدهنية (مثل أوميغا-3)، والمغنيسيوم، وفيتامينات B وC، تعزز من قدرة الجسم على مواجهة القلق. ومن أمثلة هذه الأطعمة: التوت الأزرق، السمك، المكسرات، الموز، السبانخ، والخضراوات الورقية.
الخلاصة
التوتر والضغوط اليومية جزء لا يتجزأ من الحياة، إلا أن الاستجابات الجسدية والانفعالية الحادة غالبًا ما تعكس غياب مصادر الدعم وضعف مهارات التكيف. ويُلاحظ أن الكثير من الأشخاص يركزون تفكيرهم على المشكلات دون السعي لتوفير الوسائل التي تعزز صحتهم النفسية.
إن اعتماد نمط حياة صحي يشمل التمارين المنتظمة، التغذية السليمة، النوم الكافي، والدعم الاجتماعي، هو الأساس في تنظيم الانفعالات والتعامل مع التوتر بمرونة، مما ينعكس على جودة الحياة النفسية واستقرارها.
المصدر1 المصدر2 المصدر3 المصدر4 المصدر5 المصدر6 المصدر7 المصدر8